وصلتنى على اميلى حبيت أنقلها لكم
ليس هناك ابلغ من الكلمة الطيبة للدخول الى قلب المخاطب، لقد
سمعت من احد المشايخ قصة ذات دلالات وعبر، يقول الشيخ: وجدته
في المطار، ومن هيئته تقول: انه لا يمت لهذه البلاد بصلة،
فاللباس افرنجي والشعر طويل جدا ويحيط بخصلاته اشياء لا تستخدم
الا للفتيات، ومع اقترابي منه عرفت انه من ابناء بلدي، ثم
سلمت عليه مبتسما، وتحدثت اليه قليلا دون اي انكار على هيئته
الغريبة، وقلت له وبأدب: ان المجتمع لا يتقبلك بشكلك هذا، وقد
ينظر اليك نظرة ازدراء فلو راعيت هذا وجعلته في حسبانك،
وارد قائلا: وتعمدت ان ادخل له من هذا الباب واتجنب كلمة
حرام او غيرها من الكلمات واستعضت عنها بكلمات تؤدي
مفعولها، كما لا اريد الصدام معه من اول وهله، ولكن الشاب رد
علي بكلمة مذهلة كالصاعقة تحمل في طياتها شيئا من الحقيقة
المرة، فقال له: المجتمع ظالم! المجتمع لا يرحم! يا شيخ
المجتمع لا يلتفت لي ولا لامثالي الا اذا ارتكبنا مخالفة او مثل
هذه الامور التي تراها، لكنه لا يبحث عن همومنا ومآسينا بل
يحتقرنا ويعدنا سفلة لا نستحق الحياة، واذا وقعنا في مصيبة
زاد مصائبنا ونكأ جراحنا، واذا انحرفنا شنع بنا وطردنا، فلا
نجد عنده تقديراً ولا رحمة ولا كلمة حانية ولا ابتسامة بريئة،
فقط لا يرانا الا اذا وقعنا في الطوام وعققنا عاداته وتقاليده،
ولذلك انا لا ابالي بالمجتمع الذي تتحدث عنه، يا شيخ بعض
افراد المجتمع يصل به الحد الى ان يحتقر الفقير والمسكين
الذي قدر الله عليه هذا الابتلاء، بل يتساءل بعضهم لماذا هؤلاء
فقراء؟! يقول الشيخ: فاخذت استمع له ولا احرك ساكنا كالارض
التي تستقبل الغيث، ثم اخذت اهدىء من روعه والطف خاطره
بكلمات عذبة ورفعت من شأنه يقول الشيخ: فكبرت في عينه ونظر
الي نظرة إعجاب وإكبار ثم مد يده لذلك الشيء الذي في شعره
وأدخله في جيبه وقال: أعدك أنني حال وصولي من سفري ان انزع
هذه الملابس الغريبة واكون - باذن الله - قدوة صالحة في عملي
ومظهري، واكثر قربا من الله، وفي لحظة خاطفة صدح صوت الموظف في
صالة المطار إيذانا بركوب الطائرة، ثم توجهنا الى بوابات
المغادرة بعد وداع حار ليس له مثيل،
وانا اقول نريد دعاة الى الله مثل هذا الشيخ او ناصحين كهؤلاء -
بارك الله فيه - ثم السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل انت ممن
يرقص على جراح الشباب ويستهزئ بهم؟ هل انت ممن يشمت بالشباب
الذي تراه على المعاصي والمنكرات؟ هل أن انت ممن يقف بجانب
الشباب عندما يقعون في الانحراف والمحرمات لتساعدهم في
الخروج في هذه الظلمات؟ ام اننا ندع شبابنا يغرقون في كل
مصيبة ولا نشعر باحلامهم وآلامهم وأحزانهم! واذا ما وقعوا في
حبائل الشيطان كلنا لهم صنوف التأنيب، ورميناهم بأقذع
العبارات وأخس الصفات! اسئلة حائرة تحتاج اجوبة صادقة
واخيرا، هل نحن فعلا مجتمع ظالم لا يرحم؟ اننا نحتاج إلى ان
ندافع عن انفسنا بالفعل لا بالقول .
تحياتي صافي