في بيتي دجاجة
ليس الغريب أن يكون لك اسم ووطن وبيت وهوية وعنوان؟؟؟
ولكن الغريب أن يكون في بيتك دجاجة طازجة شهية تتحرك وتتمايل ببراءة وبكل حرية؟ هل يجوز أن نعتبر هذا الأمر غريب!!!
كيف لا تريد أو تحلم ... بالخصوصية والحرية في بيت ووطن هو ملكٌ لك ومكان به روحك وروح أجدادك، وتتمنى أن تكون به حياتك وحياة أولادك وتكبر هذه العائلة ويكون هناك ذكريات تجدها في كل مكان وفي كل زاوية وعلى كل جدار من هذا البيت وهذا الوطن؟
هل يجوز لك هذا الأمر الغريب!!!
راقتني الفكرة جداً؟ ولِما لا يكون في بيتي دجاجة؟ وغيري بيته كبير جداً وأبنائه منتفخين ومتلونين ومندهشين والكل مثقف ما شاء الله وقلمه من ذهب؟ بل يمتلكون الوئام والنعام وقصورهم وقبورهم من العاج والرخام؟
حتى مراحيضهم وملابسهم ذهب والماس وعندهم عبيد تجمدوا وتبلدوا من القهر!!!
أما أنا في بيتي الصغير المتكون من اختين كالبسمة وأم كالوردة وغيري كان يعتبرها الخادمة والركن الأخير بالحياة والأول فقط فوق السرير!!!
وبهذا العدد وعند احتساب الدجاجة... يكون العدد أربعة إناث وإن اختلفت النوعية والجنسية والفصيلة والقيمة والتبعية؟ لكنهن بالنهاية إناث؟ طبعاً لازم أخاف وأقول عن الدجاجة أنثى؟ وأن لا أنسى أن هناك جمعيات حقوق الإنسان والإناث والنعجات وجمعيات الرأفة بالبيضة ودمعة الحيوان؟
هل من الصدفة.. أو هو أمر مخطط له أو كان حدث هام وكبير وانتهى من خلال مؤتمر ومؤامرة أن تكون الدجاجة أنثى؟ لكن يبقى السؤال الغبي الممنوع من الصرف ومن تحاليل الدم ومن فحوص المقاييس والجودة؟ لِما اختارت الدجاجة أو اختاروا المتآمرين والمجتمعين بخيمة وغرفة بأن يكون بيت الدجاجة هو بيتي ووطني الصغير؟
يكفي القول.. إنه كان مختوم بختم ليس بغريب وبعيد بشعار الأيزو أخر طبعة ومن FDA
كانت الدجاجة صغيرة وبيضاء جداً؟ ونشيطة ولهلوبة ولها نظرة بحالنا وتشتتنا؟ وأيضاً كانت تنعم بِصِحَّة جيدة؟
كيف لهذه الصدفة الغريبة البريئة أن تختار هذه الدجاجة من بين كل الدجاج؟ أقصد الدجاجات؟ أقصد البيض المختوم! وأقصد..وأقصد!!
لتكون وتعيش وتسكن وتأكل وتنام معنا وبيننا!!!
وحتى لا يختلط الموضوع على الجميع ويحسبه فيلم رومانسي أو وثائقي أو مسلسل درامي والكاتب والمخرج الحاصل على الأوسكار والسعفة وصاحب صاحبي؟ ألبست الدجاجة طوقاً صغيراً ... صنعته أختي من ضفيرة شعرها الذهبي؟ وكل هذا حتى لا تتوه الدجاجة حين تخرج وتدخل؟ طبعاً تحركاتها محصورة داخل البيت؟ لم يأتي الوقت بعد حتى أسمح لها بالخروج لوحدها؟ وإن خرجت هل تعود كما خرجت وكما كانت!!؟
ولهذا قررت أن أجعل لها اسماً، هل يكون عربياً أم غَرْبِيًّا مشهوراً؟ أسميها سلوى، ليلى أم سوزي أو جانيت؟ ثم سمعت اختي الصغرى تنادي عليها؟ جوجو أين أنت؟ تعالي يا جوجو بصوت طفلتي وكأني سمعتها تقول دودو؟ قلت إذن سوف يكون اسمها جوجو؟ وما به جوجو؟ اسم جميل وذو دلال ودلالة تكنولوجية؟ وأيضاً الدجاجة جميلة وتستحق أن تكون وتصبح جوجو أرض أرض؟ فيما بعد!!
وبعد شيء من السلام واحترام الدجاجة وتقديم العون لها وبعض التنازلات...حدثت صدفةً أخرى!! وصلني مع هدية وبسمة ومصافحة من أخ وصديقه...عقد عمل بالخارج وسفر وغربة، ربما لشهور أو لسنين أو إلى ما لا نهاية؟ وكأنه الحلم أو كالحلم؟
سافرت وابتعدت عن بيتي ووطني وكل ما أملك من حياة وتركت من خلفي الإناث الأربعة ومن ضمنهم تلك الدجاجة الشهية الجميلة؟ جوجو..........
وحين عدت من غربتي وتشريدي واعتقالي ومعتقلي؟ وجدت باب ومدخل ومسكن بيتي ووطني وحياتي مفتوحاً بلا حدود وبلا لافتة عربية، تقول ادخلوها بسلام...؟
وهل من الصدفة أيضاً أن أجد البيت والوطن قد اختلف عن قبل واختلف شكله ورائحته ونهاره وتغيرت قيمه وألوانه وأشجاره وتصميمه وجدرانه وانقساماته المتعددة وكأنها حواجز وفواصل لماضي وحاضر؟ وربما أصبح المكان والزمان حديثاً وغريباً ومتحرراً ومتعولماً بلا سقف وبلا عُرف وحدوده ممتدة أكثر للخارج؟ وأبعد من النهر والبحر!!!
لكنه ليس بيتي..ليس وطني..وهذه الرائحة ليست رائحة أهلي وليست رائحة خبز أمي؟
دخلت وكأني غريباً منفياً متشرداً لاجئاً في مكان كان لي في يومٍ من الأيام وقد مضى؟ وأصبح عهدا وَزَمَنًا منسياً؟
لا أسمع أصوات ولا صراخ ولا شيء يتحرك أو يتنفس!!! حتى لا أجد همساً لأخواني ولأهل بيتي ووطني؟ ولا أسمع حراك أختي وعبثها بأغراضها وزرعها وأرضها وأغنيتها؟ وكأن كل شيء قد تجمد كالدجاج المتجمد المستورد؟ بل كأن كان هنا شعب وبلد ووطن وأنثى اِغْتَصَبْت وتُركت ورحلتْ....هكذا!!!؟
أصابتني رعشة ورجفة وصدمة وبلادة؟ فوقفت في متصف البيت..فأحسست بخنجر من خلفي يقترب كظلام الليل وغموض مرعب وموت لا يرحم ولا يريد أن يبتعد وكأن الأرض تتحرك والماء يتحرك وكل شيء يتحرك ويتجدد ويتغير ويتقدم نحوي؟
والتفت من كل جهة ومن كل مكان ومن البداية حتى النهاية... لأجد البيت كله يمتلئ بالديوك؟ وقتها تذكرت الدجاجة؟ وقلت بنفسي؟ هل ما زالت هنا؟ وهل هي من جاءت بهذا القوم هنا؟ لكن كيف حدث هذا؟ ولِما حدث هذا؟ وأين الجميع عنهم وأين الإخوة والأصدقاء!!؟
كان من خلفي جموع غفيرة وشعب كامل وكأنني أرى أيضاً من بعيد هناك بقية القوم ومنهم من يجمع حاجياته ليأتي ويلحق ليكتمل المطلوب؟
أعداد كثيرة من الديوك وأبواب أمامي موصدة مقفلة متسلحة؟ وحدود وجيوش وإناث مسلحة كالعربيات من كل لون ومن كل جنس والكل له لغة وفصيلة؟
أصبحت محاصر من كل جهة حتى من جهة مكان كان به إخوتي!!!
وكان لديهم سؤال...كيف دخلت هنا؟ ومن أنت؟ ولِما أتيت؟
وكانوا يمتلكون الجواب...لن تخرج أبداً؟ وإن خرجت...لن تذهب إلى أي مكان؟
وإن أردت...فليكن هذا المكان؟ حين أشار برجله!!
ماذا يحدث هنا؟ أين أهلي؟ أين وطني؟ أين إخواني؟ أين بيتي؟ أين زوجتي؟ أين الدجاجة؟ أين الجميع!!!
هل كانت الدجاجة حامل؟ وأصبح لديها بيضاً وبيتاً وشعباً وأرضاً وسلاحاً ثم أصبح المكان وطناً لها ولهم؟ هل كان كل البيض من جنس ونوع واحد وفاخر ومن النخب الأول المدعوم من الاقتصاد العالمي والغربي والعربي؟ هكذا!!!
لِما كلهم ديوك؟ ومن هذا الديك الذي أنجب كل هذا؟ وكيف لم أعرف عنه؟ وكيف نسيت أن أفحص الدجاجة؟ ولِما أفحصها أصلاً؟ هذا عيب وحرام ورجز من عمل الشيطان؟
كيف تريد أن تفحص دجاجة وهي أنثى غريبة فقيرة مسكينة جائعة بلا مأوى؟ ولكن..لِما كنت أنا المأوى لها؟ أين كانت من قبل ومن هم أهلها ومن هم أصدقاؤها!!!
لقد انتهى أمري وخسرت بيتي وإخواتي وإخواني؟ بعد أن أصبحوا كل شيء لهم وربما أصبح بيتي ووطني بيت الدجاج أو الدجاجة؟
وأصبح يفصلني عن أهلي ووطني جدار وجدران وحدود وممنوع الاقتراب والتصويب والانتخاب وبناء بيت ولك خيمة فقط؟
هل تفهم!!
أريد أن أعرف فقط أين هم؟ وماذا حصل لهم؟ كيف يحدث هذا..كيف تشتت الأهل وأصبح جزءاً منهم هناك؟ والجزء الأخر هنا؟ وكلهم في معتقل كبير في وطن أسير!!!
هل هذا الجدار للأبد؟ هل هذا الجدار مصنوع من الدماء والأجساد أم من البيض أم من تراب وحديد مسلح من صُنع عربي فاخر الجودة؟
هل هذا حصار وانحصار ثم الموت والاندثار!!!
هل أقدر أن أصرخ وأقول لكل البشر؟ ولكل صاحب أرض ووطن ودين؟
هل هناك من يريد أن يسمعني؟
هل هناك من يريد أن ينقذني ويطرد الدجاجة أو الدجاج أو كل الديوك من وطني؟
سوف أكون أسير وسجين في بيتي وعلي تراب وأرض وطني؟ والكل يبتعد عني وينفر مني ويصفوني بالإرهابي والقاتل والمستسلم وعليك أن لا تقاوم ولا تجادل ولا تفكر ولا تحلم أكثر من كونك لاجئ ومشرد؟
بل... ولتعلم بعد أن أصبحت دجاجة ومِلكاً لنا؟ عليك أن تلتزم بكل القرارات والإرشادات ونصائح الجار والصديق والمستسلم والقائل أنا أريد أن أتطبع وأطبع وأخلع؟
وعليك أن تعلم ...إنك في أي وقت سوف تكون على المشرحة أو بالمشرحة أو بين فكين وأنياب من صالحنا وصافحنا وصادقنا وتحالف وحلف معنا وباعنا وباع لنا؟
....هكذا!!! لمجرد إنك أصبحت دجاجة....
كيف تريد بعد كل هذا أن تطلب شيئاً وأنت الرافض لحقوق الإنسان والإنسانية والرأفة ودمعة الحيوان؟ وحقوق الدجاج وعُشاق الدجاج الأبيض المستورد!!!
نعم وألف نعم...سوف أبقى وأكون مشرداً ووحيداً بلا مأوى وبلا طعام؟ أبحث عن مكان وهوية داخل وطني.. بعد أن سرق الدجاج حياتي وحياة إخواني وبيتي ووطني وأرضي...وقلع الجذور والأشجار والأطفال. والآن يريد قلعي وقتلي بمراسيم عربية غربية وحصانة حيوانية وخنازير بشرية؟
وبعد كل هذا يصدرون الأخبار.....
ويكون القرار الأول والأخير بعد الحصار
لك أن تكون مشرداً، لاجئاً، أسيرا.
لا أيها الخونة
لا أريد إلا أن أكون شهيداً
وشهيداً
وامتلك الدجاج بيتي؟
تحياتي
مجودي
موضوع: في بيتي دجاجة!!! 
الإثنين ديسمبر 10, 2007 11:28 pm
