الــــطــــب الــــــــــصــــيــــنــــي
وسائل الطب الصيني العلاجية تعيد للجسم توازنه
يعتبر علاج الوخز بالإبر الصينية من الطرق القديمة الحديثة في المعالجة، فقد عُرف منذ ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد بعد أن لوحظ أن تدليك نقاط معينة في جسم الإنسان يحدث تأثيرا إيجابيا في تخفيف الألم.
وقد استخدمت الإبر المصنوعة من عظام الحيوانات للوخز في البداية، ولكن مع مرور السنين تطورت هذه الطريقة و اكتُشِف المزيد من النقاط الحساسة التي رتبت في مساحات مختلفة تعرف بـ «مدارات أو قنوات» وسميت بأسماء أعضاء الجسم.
وبهذا الصدد أوضح الدكتور فايز رشيد، استشاري العلاج الطبيعي والوخز بالإبر الصينية الأردني لأرابيا اون لاين، أن هذه المدارات أو القنوات عبارة عن خطوط غير مرئية تتوزع عليها النقاط وتشمل مختلف أنحاء الجسم، وهي في مجموعها أربع عشرة، اثنتا عشرة قناة مزدوجة من اليمين واليسار، وقناتان أمامية وخلفية في منتصف الجسم، وتتمثل في قنوات الرئة والأمعاء الغليظة والمعدة والبنكرياس والقلب والأمعاء الدقيقة، إلى جانب المثانة والكلية وغلاف القلب وقناة الحرارة الثلاثية وقناة المرارة والكبد والقناة الخلفية والأمامية المنتصفة.
الفلسفة الصينية
تنطلق الفلسفة الصينية في العلاج من ظاهرة أن كل علاقة في هذا العالم عبارة عن موجب وسالب، ليل ونهار، فوق وتحت، خارج وداخل، ومن هذه العلاقة وجود الذكر الذي يرمز له بالموجب، وما اصطلح على تسميته باليانغ والأنثى أو السالب والذي اصطلح على تسميته بالين، حيث تشكل هذه الازدواجية عنصر التوازن في الحياة.
وهذه القاعدة تنطبق على الجسم البشري، فكما يوجد ضغط دم عالي، يوجد أيضا ضغط دم منخفض، وزيادة نسبة السكر يقابلها انخفاض النسبة لدى البعض، وزيادة إفراز الغدد يقابلها النقيض أيضا، وعلى هذا الأساس فإن الزيادة في نسبة الشيء تسمى «يانغ» والنقصان فيه تعرف باسم «ين».
ويرى الدكتور رشيد أن الشكل الطبيعي للجسم يتمثل في وجود التوازن الداخلي بين الموجب والسالب وأي خلل في هذا التوازن يكون عبارة عن حالة مرضية تحتاج للعلاج، موضحا أن اختلال التوازن يؤدي إلى الإخلال بالطاقة الداخلية للجسم الموزعة وفقا للفلسفة الصينية بالتساوي بين هذه المدارات كونها متصلة مع بعضها البعض بواسطة نقاط محددة موجودة على الجسم، لذلك فان العلاج في هذه الحالة، يهدف إلى إعادة توازن الطاقة في الجسم المريض.
المدرسة الأوروبية: أما بالنسبة لنظرة المدرسة الأوروبية وتحليلها لعملية الوخز، فقد بدأ تحليل هذه الظاهرة في النصف الثاني من القرن الزمني الحالي، وتركز على معرفة التركيب الفسيولوجي لنقاط الوخز.
وبيّن أن نقاط الوخز تختلف في تركيبها عما حولها من النقاط المجاورة، بأنها أغنى بوجود النهايات العصبية والشعيرات الدموية فيها، ووجود خلايا شبعية في هذه النقاط، قادرة على إفراز مواد حيوية نشطة تشارك بفعالية في التوازن العصبي في الجسم وتساهم في تنظيم عمل الشعيرات الدموية، كمركبات الاندروفين والهستامين والسيروتونين والأسيتل كولين وغيرها.
فضلا عن أن مقاومة هذه المركبات الكهربية أقل بالنسبة للتيارات الثابتة والمترددة ودرجة حرارتها تختلف بشكل بسيط عما حولها، واعتمادا على ذلك، فقد جرى الاستفادة من هذه الظواهر لاستغلال الجسم نفسه في علاج المرض المصاب به. أما ما توصل إليه العلم مؤخرا، فيتمثل في أن الدورة الدموية تزداد في مناطق الوخز نفسها، وبالتالي تزداد عملية التبادل الغذائي في الخلايا وإفراز المواد التي تؤدي إلى تقوية جهاز المناعة في الجسم. واستعمال التيار الكهربائي مع الوخز يسبب تغيرات فيزيوكيميائية في الخلايا والأخرى المجاورة لها من حيث عملية استقطاب الأيونات السالبة والموجبة الموجودة فيها، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تغيير خواص السائل الخلوي، كما أن استعمال الحرارة يزيد الطاقة الحركية للخلايا وبالتالي زيادة عملية التبادل الغذائي فيها.
طريقة الوخز
وبالنسبة لطريقة الوخز، أوضح الدكتور رشيد في تقريره أن وخز النقاط المحددة يتم باستخدام إبر معدنية مرنة قوية غير قابلة للكسر أوالصدأ، وهي مختلفة الأطوال ويمكن ابقاؤها في الجسم لمدة تتراوح بين 10 أو20 أو30 دقيقة، ومن الممكن أيضا تثبيت بعضها لأيام في جلسات يومية تتراوح من 10-12 أو15 جلسة، يمكن تكرارها بعد فترة استراحة يحددها الطبيب.
ولفت الانتباه إلى أن تأثير هذه العملية، يتم بطريقتين، هما الحث العصبي التي يمكن استخدام التيار الكهربائي فيه، والتفريغ وهوعكس الحث الذي يهدف إلى تهدئة الجهاز العصبي.
ومن أهم مزايا هذه التقنية، أنها لا تحدث أضرارا جانبية، وتتركز على استغلال قدرات الجسم نفسه في الشفاء من المرض، دون اللجوء إلى الأدوية الكيماوية، مع إمكانية تطبيقها على الأطفال والشيوخ والسيدات الحوامل، فضلا عن أن استعمال الإبر يتم لمرة واحدة فقط.
وأكد الأخصائي الأردني رشيد أهمية النظرة بواقعية للمعالجة بواسطة الوخز بالإبر الصينية، فهي ليست سحرا في العلاج يؤدي إلى شفاء جميع الأمراض، مشددا على ضرورة عدم التقليل من شأنها، والنظرة بشكل تكاملي لمختلف فروع الطب. ودعا إلى إجراء دراسات تطويرية لطريقة الوخز واستعمالها مع وسائل العلاج الطبيعي المختلفة، خاصة بعد أن لاقت رواجا وإقبالا في العديد من مناطق العالم واعترفت الدول كالولايات المتحدة وغالبية الدول الأوروبية والآسيوية بها كطريقة علاجية، موضحا أهمية طب المنعكسات المعاصر الذي يشمل الأذن وتدليك اليدين القدمين، والعلاج بواسطة طريقة «شياتسو للوخز بالإبر» والعلاج بما يعرف بالعلاج اليدوي.
الين واليانج
هو المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه الطب الصيني ..لا بل الفلسفة الصينية كلها تقوم في كثير من جوانبها على مبدأ الين و اليانج .. تقوم الفكرة على ما لاحظه الصينيون القدماء مما يدور حول الإنسان في الأرض والسماء من متضادات متوافقة فيما بينها ومكملة بعضها البعض فمثلا الليل هو الظلام ويتناقض مع النهار وهو النور وكليهما يكمل بعضه البعض فلولا الليل لما عرفنا النهار وهما وإن كانا متضادين لكنهما متوافقين ومنسجمين مع بعضهما ومتعاقبين.. وعليه لا يمكن أن نفهم معنى لليل لولا النهار .وهكذا فالأعلى يقابله الأسفل والبارد ين يقابله الحار يانج ، والذكر يقابله الأنثى والصيف والشتاء كذلك دائما هذين المتناقضين يتتابعان والواحد ينجذب للآخر للتوصل للتوازن المنشود ..قال الله تعالى " ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون "49:51 .. و لقد وصف الصينيون القدماء الين واليانج بجزأين متساويين يتتابعان وكأنهما منجذبين لبعضهما البعض بدوران داخل دائرة تمثل الكون وكل ما بداخله ينقسم إلى ين و يانج.
نورد هنا بعض الأمثلة للتوضيح :
1-قوة اليانح تأتي من الشمس والقمر والأجرام السماوية الأخرى على شكل ضوء.. أما قوة الين فأنها تنتج من دوران الأرض حول نفسها .. على سطح الأرض نجد قوة اليانج تدخل داخل الأرض وقوة الين بالاتجاه المعاكس.
2- المناطق الشمالية من الكرة الأرضية مثل شمال أوربا وشمال أمريكا الجو بارد لذلك ينجذب الإنسان للطعام اليانج مثل اللحوم والبيض والأسماك الدهنية أما في المناطق الحارة ولأنها يانج فالإنسان ينجذب للطعام الين مثل الفواكه والعصائر الحلوة ..أما الحبوب والغلال فهي محايدة .
3- الإنسان في المناطق الباردة يكون أكثر يانج حيث أن له جسم قوي وذو بنية كبيرة وذلك لما يتناوله من أطعمه اليانج الموجودة في بيئته التي يعيش فيها ، أما الإنسان الذي يعيش في المناطق الحارة يكون أكثر ين لأنه يتناول أطعمه الين .
4- الأشجار تنبت فتكون الجذور متجهة إلى الأسفل بينما السيقان والأوراق متجهة للأعلى .. فالجذور تهبط وتتعمق بفعل قوة اليانج بينما السيقان والأوراق تتجه للأعلى بفعل قوة الين .
5-النبات والحيوان: النبات ثابت والحيوان متحرك .
النبات يحول ثاني أكسيد الكربون إلى أوكسجين بوجود صبغة الكلوروفيل الخضراء بينما الحيوان يحول الأوكسجين إلى ثاني أكسيد الكربون بوجود صبغة الهيموجلوبين الحمراء.
النبات ينمو وجذوره متعمقة بالأرض بينما الحيوان جذوره داخلية في الأمعاء لامتصاص الغذاء .
جهاز التنفس للنبات يتسع باتساع الأوراق بينما الحيوان جهازه التنفسي في الرئتين ومنه استنتج الصينيون بأن النبات أقرب ما يكون بالين والحيوان يتجه لليانج .